عن التعريب والابداع في العلوم المتقدمة

الامم ,عموما, تمتلك لغة ,بها تشكل المفاهيم الاساسية للوعي وبها تدرك المحيط وبها يصوغ الناطقون بها كل مفاهيمهم الجديدة. الوعي هو الاداة التي تصهر البصر والسمع والسم واللمس والاحساس ... ويعيتد تقديمها بوعاء اللغة ..كمفاهيم جديدة قابلة للفهم الوعي يرتبط اساسا وجذريا باللغة . عندما يتم التعلم بلغة ما ... تتشكل المفاهيم ضمن الاطار اللغوي لهذه اللغة ، فتنعكس السمات الاساسية لهذه اللغة على المعرفة الناتجة ومخرجات التعليم التعليم ما بعد الجامعي ... يكون في العادة بحثيا ابداعيا. التعليم ما بعد الجامعي في العلوم البحتة والتطبيقية هو وليد الحضارة الغربية ومشتقاتها. العلماء العرب ..في الغرب وفي الدول التي تتحدث الانجليزية ... يواجهون تجربة صعبة وتحديا مضاعفا ، ولا اتحدث هنا عن اكتساب المعرفة بلغة غير اللغة الام. اتحدث هنا عن الابداع وخلق مفاهيم تعزز المفاهيم الموجودة بلغة تختلف عن اللغة الام للانسان. تحدي اللغة لا يقل عن تحدي الفكرة ..لأن التصور العقلي لفكرة ما ... يتطلب اخراجا لغويا للفكرة بكلمات تصف الفكرة الجديدة بدقة وترابط . الكلمات التي تعلمتها سابقا ... اثناء الدراسة تكون بالانجليزية ... حتى التفكير ...يكون بالانجليزية ..ضمن المفردات التي استوعبها العقل حول موضوع الدراسة ... الاشكالية ..هي عندما تحتاج الى مفاهيم تتجاوز الموجود من مفاهيم. عندما تتوصل الى فكرة تزيد عما هو موجودة او تبدع مفهوما اكثر تطورا مما هو موجود . الاشكالية لها شقين ؛ الاول, وهو الحاجة الى الاستغراق في التفكير غير المنقطع ... التفكير العالي الذي يخلق دون استفزاز او تشويش او عرقلة الثاني , اشكالية اللغة التي تتطلبها عملية التفكير ، في المفاهيم الموجودة و"عقبة" المفهوم الجديد ... الذي على عقلك ان يصوغة صوريا ... ثم يلبسه كلمة مناسبة باللغة الام .. ثم يترجمها الى كلمة مناسبة باللغة الانجليزية ... ويقوم بعدها بربطها بالكلمات المتعلقة بموضوع الدراسة الاساس هذه العملية اللغوية ... تعرقل التسلسل الحر للفكر الابداعي ...ولذلك نلاحظ ان كثيرا من الباحثين العرب ...يكتبون كتبا بالعربية رائعة جدا .... عندما يعودون الى بلادهم العربية لكن بالعربية ... لأن صيرورة التفكير الابداعي اثناء الكتابة بالعربية ..تستمر بطلاقة ... وزجم... لا تعرقلها الحاجة الى لغة اخرى لتشكيل المفاهيم بلغة اخرى. فاي امة لا تمتلك المعرفة الاساسية الكافية للنهوض المستقل و للاستغناء عن معرفة بقية الامم في مرحلة من مراحل تاريخ هذه الامة ، لا يحجب عليها المطالبة بتعربت تعليمها عليها اكتساب المعرفة ... اكبر قدر من المعرفة. ولاحقا عندما يصل باحثوها الى مرحلة الاجتهاد والخلق... سيدركون من تلقاء انفسهم .. انه آن اوان اللغة الام .. آن اوان العربية ان تبرعم و تزهر وتثمر مفاهيما جديدة مستقلة وحيوية ومن نتاج العربية نفسها هذه مرحلة لا اعتقد ان كاتب هذه الملاحظة سيدركها ... لان امة العرب ... كأمة مبدعة لغويا وادبيا .. لا تلقي بالا للابداع العلمي الهندسي البحت وما دامت كذلك ..ستبقى معتمدة على غيرها من الامم في ابداع الالات ... والمفاهيم. وسيبقى ابناء العرب معبأين حتى الثمالة بمفاهيم فكرية وصور عقلية ,, لا يقف بينها وبين الورقة الا حاجز اللغة.